انشغلت النكتة المصرية منذ تراثها القديم بالتركيز على المرأة، وتصويرها على أنها كائن شرس وغريب له صفات متناقضة ومضحكة، حيث عكست صورة المرأة في روح من الفكاهة الممزوجة بالسخرية، وقارنت بينها وبين سيدات أخريات، حيث وجدنا في النكتة المصرية أن المرأة اللبنانية دائماً رقيقة والخليجية دائماً جميلة ومهتمة بمظهرها، أما المصرية فهي عنيفة وقوية الشخصية.
حاكمة المنزل
المصرية معروفة دائماً بأنها امرأة "بنت بلد"، ولكن دأبت النكتة المصرية على وصف هذه المرأة بالقوية، وهي صفة حقيقيةٌ بغض النظر عما يكتنف اللفظ من جوانب ساخرة، وذلك لأن المرأة منذ في الثقافات القديمة وهي تشارك الرجل في الأعمال الزراعية مما يطلب منها أن تتسم بالصلابة، أما بالنسبة للنظرة السائدة لها بأنها "حاكمة البيت"، فيبدو أن الأمر مبالغ فيه إلى حد ما، ولا اعتقد أن المرأة التي تجد أمامها رجل يتحمل المسؤولية بالكامل يمكن أن تكون مسيطرة وصاحبة الكلمة داخل المنزل، ولكن الوضع الاقتصادي المتردي الذي اضطر المرأة للخروج إلى العمل، أدى إلى إيجاد انطباع بأن المرأة المصرية تنحي الرجل جانباً.
ويبقى الأمر الغائب في النكتة المصرية أن المرأة هي المُضحيةً إلى أبعد حد، حيث تتجاهل ذاتها، لتكون أولوياتها سعادة أولادها وزوجها وأهل بيتها، بينما في المقابل المردود السلبي عليها يجعلها منهكة القوى وعصبية، وحتى نكون منصفين فالظاهر من هذه الصورة هو رغبتها في السيطرة، إلا أنها تتمنى حقاً لو تلقى بهمومها على زوجها ليتكفل بالمسؤوليات التي تتحملها.
النكتة وتضخيم صورة المرأة
بُنيت النكتة المصرية على تضخيم صورة المرأة بشكل ساخر ومضحك، بل وصل الأمر إلى تضخيم أجزاء من جسدها "كاللسان"، حيث صورت النكتة المصرية المرأة أنها سليطة اللسان ولا تتوقف عن الكلام في أتفه الأمور، بل إنها امرأة ثرثارة وتسبب آلام الصداع المزمنة لزوجها.
كما ضخمت النكتة المصرية من سيطرة المرأة على زوجها، فوصفتها بأنها الآمر الناهي داخل المنزل، وأن زوجها لا يمكن أن يرفض لها طلباً وإلا نال الشهادة، أو تعرض للضرب والأذى.
ولم يتوقف الأمر على هذا الحد فحسب بل ضخمت النكتة المصرية من جسد المرأة، فنتيجة الكبت الجنسي والفراغ الفكري في المجتمعات الشرقية، نرى المرأة في النكتة المصرية كائن بارد مقتول فيه كل الرغبات، وتناست النكتة المصرية أن المرأة الشرقية التي تعرضت للكبت والختان وغيرها من أشكال الانتهاكات الأخرى قد أدى بها الأمر إلى الوصول لهذه الصورة المزدرية.
الحياة جحيم مع الزوجة المصرية
شبهت النكتة المصرية حياة الرجل مع زوجته بالجحيم، وبالرغم من أن سيدنا آدم عليه السلام لم يحتمل العيش بمفرده في السماء، فطلب من الله عز وجل من يؤنس وحدته، فكانت هدية الله له عبارة عن حواء، إلا تلك المعاني الجميلة التي صورتها لنا الأديان السماوية عن المرأة، لم تنقذ المرأة من تجسيدها على أنها ذلك الشبح الذي يستحيل معه الحياة.
هذا، وستبقى المرأة المصرية في تراثنا الثقافي القديم والجديد مدعاة للسخرية والضحك، فالمصريين ورثوا عن أجدادهم روح الفكاهة، وسنبقى نحن المصريون شغوفون دائماً بكل ما هو مضحك وساخر، فهي طبيعة الشعب وأصل الثقافة.
المصدر : سمر الهوانم